|

*الطفل (ريان )والعالم  الثالث *

الكاتب : الحدث 2022-02-11 11:53:16

الطفل ريان سقط بالبئر في لحظة غفلة من أهله ، وجهل منه بالخطر الذي أمامه ،  سقط ذلك الطفل ذو الخمسة أعوام في غيابة الجُبْ وأي جُب ؟ إنه أضيق من الجب التي رمي بها يوسف عليه السلام ، وإن كان يوسف عليه السلام واجه قساوة الإخوة عندما رموه ولكنه يعلم أن الله معه ، فهو إبن نبي وبشائر نبوته بدأت تظهر ، ومنها قوله لأبيه (يا أبتِ  إني رأيت أحدى عشرَ كوكبآ والشمسَ والقمرَ رأيتهم لي ساجدين). ولكن ريان وأسميه (طفل العرب) سقط وهو لا يعلم أين وقع !  ويدور بمخيلتي الآن تفكير ذلك الطفل الصغير وهو ينزلق لأسفل تلك الحفرة المظلمة الضيقة ، لايعلم ماذا حصل !ولا كيف حصل ذلك ! وكذلك يدور بمخيلتي  كمية الخوف وعظم  المفاجأة والمصيبة التي وقع فيها ، ثم إستقر بذلك المكان الضيق وبوضعية لا إرادة له بها وبلا حركة ، يا الله إنه شعور عظيم ورهيب !! وأنا أستشعر مخيلتهُ  الآن يقشعرُ جسمي . فكيف بذلك الطفل الصغير ؟
بقي ريان طيلة الأيام الخمسة والعالم محتبس الأنفاس يترقب ويدعوا الله له بالسلامة ، ويتأمل ذلك من الله . ولكن إرادة الله شاءت أن يخرج من ذلك الجب(البئر) الضيقة السحيقة إلى رحمة الله الواسعة وجنات عرضها السماوات والأرض ، يحلق بأجنحته طائر من طيور الجنة (بإذن الله ).
وهنا وقفة مع ما يسموننا به دول الغرب ،حيث يطلقون علينا دول ( العالم الثالث أو الدول المتخلفة ) نحن الدول العربية والإسلامية. والوقفة تتمثل في الرحمة التي بقلوبنا حيث أن الدول العربية من الخليج العربي الى المحيط جميعًا وقفت وقفة الأسرة الواحدة تترقب ريان  وتدعوا له . (كلنا رأينا أن ريان طفلنا وإبننا ) ندعوا ونبتل إلى ربنا بأن يحفظه ويخرجه سالمًا.  كلنا بمجالسنا نتحدث عن ريان،  كلنا مع والديه بالشعور والإحساس والمواساة  . وهذا هو التطور في الحياة أن نتعامل مع البشر بالرحمة والمودة والإنسانية . وهذا ما يحثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف ،حيث يقول صل الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه  ما يحب  لنفسه ) ويقول ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى،) ونحن العرب أصحاب الشيم ومكارم الأخلاق ، ومنها الرحمة والتكاتف وصدق القول ، ألم يقل صل الله عليه وسلم بالحديث الصحيح (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ومن مكارم الأخلاق لدى العرب ماقام به بعض أصحاب القرار والمال بالتبرع لوالديه وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله ) الذي تبرع لوالدي ريان بحجة إلى بيت الله العتيق على نفقته الخاصة ،وهذه أمنية كل مسلم وأعظم من أي مال أوهبة أو عطية دنيوية ، ومن بعده من تبرع بالملايين والمنزل وغيرها لوالديه ، وهذا التكاتف والتعاطف لا يوجد إلا لدينا العرب والمسلمين من أسمانا الغرب (بدول العالم الثالث أو الدول المتخلفة )  بينما نجد الأطفال في الغرب يموتون في هذه الأيام من شدة البرد ،ومنهم من يوجد مرمي به في حاويات النفايات، مثلما قال الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو (لم أؤمن يومًا بمقولة دول عالم ثالث شاهد مافعلته إحدى هذه الدول من أجل طفل... أما هنا في أمريكا وفي هذا الشتاء البارد إذا استيقظت باكرًا في شوارع نيويورك ستجد سيارات تجمع جثث قاصرين مشردين ماتوا بردًا دون أن يعرف أو يسمع عنهم أحد) إنتهى كلامه .
شكرًا لك ريان أن بينت  للعالم أننا أرقى وأكثر إنسانية من الغرب  .شكرًا لك ريان أن حركت المياه الراكدة في الأخوة العربية والإسلامية وجمعتنا على شعور واحد ، وهذا الخير باقي في أمة محمد صل الله عليه وسلم إلى يوم القيامة بإذن الله . نحن العرب والمسلمين نتحرك عندما يحتاجنا إخوتنا في أي مكان من العالم العربي والإسلامي مثل هذا الموقف لطفلنا ريان جعله الله شافعًا لوالديه  ولنا جميعًا. فحادثته ووفاته جمعت الأمتين العربية والإسلامية على موقف واحد ومثلما حصل مع طفلنا الشهيد من السابق ( محمد الدرة ) الذي قتله الصهاينة بلا رحمة وبلا  إنسانية أو حقوق للطفل الصغير الأعزل ، فرأينا العالم العربي والإسلامي متوحدين على كلمة سواء ورأينا بمملكتنا الحبيبة وقفة القيادة مع ذلك الطفل الشهيد ومع أهله . ورأينا المواطنين في بلدنا يسمون المساجد والمحلات بإسمه تخليدًا لذكراه وإحساسًا بالأبوة تجاهه .
هكذا نحن العرب والمسلمين دول الرحمة والإنسانية ومكارم الأخلاق .

محمد بن سعيد أبوهتله